يتمحور التطور التكنولوجي حول تحليل ماكان يوماً يعتبر من المسلمات، ورفض الاعتماد على الفرضيات بدون التحققّ منها، والتعمق في فهم مواضع النقص والقصور في التقنيات الحالية ومحاولة تطوريها وربما استحداث تقنيات جديدة تقود العالم للأمام.
ولا يمكن أن يحصل التطوير بدون تحليل ويصعب تحليل الوقائع بدون توثيقها. ومع النقلة التقنية المتمثلة في تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، يجدر بكل من يطمح للتطوير توثيق جميع البيانات المرتبطة باداء العمل سواءً كان شركة كبرى كشركة أرامكو أو عمل تطوعي يسعى للنمو والوصول
لأكبر عدد من المتطوعين والأعمال الخيرية. سواءً كان عدد الموظفين ١٠ أو ١٠ آلاف، بناء قاعدة بيانات محور من محاور تطور الأعمال. فمثلاً، بامكان شركات التمويل الاحتفاظ ببيانات المقترضين وتخصيص الوسم (label) المناسب لكل مقترض (مشيرة إلى أهلية المقترض بتسديد القرض) مما يؤهل تلك الشركات للتنبؤ بمدى أهلية المتقدم الجديد على تسديد القرض. عندها بإمكان الشركة رفض المتقدمين المتوقع عدم إمكانيتهم من التسديد وتوفير منافذ أخرى للتمويل. وبنفس الطريقة يمكن لسلسلة مطاعم الاحتفاظ بقاعدة بيانات تُفصّل كل عملية شراء مما يمكّنها من توقّع مدى تقبل الزبائن لطبق جديد أو توقّع أفضل توقيت للحملة الإعلانية التالية.
بعدما تنتهي المنشئة من جمع البيانات وتكوين قاعدة بيانات شاملة، يمكن تحويل تلك البيانات إلى معلومات قيّمة تنمي المردود المادي وتدعم سمعة المنشئة بين العملاء الحاليين والمستقبليين عن طريق تفادي قرارات يمكن التنبؤ بفشلها.
أولاً، لابد من تحديد الهدف من تحليل البيانات. هل تحتاج إلى حل مشكلة موجودة حالياً أو لديك قرار مهم تحاول اتخاذه وترغب في توجيه واضح لأفضل قرار ممكن أو تحتاج تحسين (optimize) الإجراءات الحالية للحصول على إنتاج أفضل. كلها أسباب فعالة ولكن يجب أن يكون الهدف واضح قبل الاستعانة بعالم البيانات.
علم البيانات (data science) هو العلم المهتم بكل ما يتمحور حول البيانات (data)، جمعها (collecting)، تنظيفها (cleaning) وتهييئها (preparing)، تحليلها (analyzing)، التنبؤ (predicting) أو تحسين (optimizing) المعلومات وانتهاءً بشرح النتائج وانتاج تقرير المشروع.
يتسائل الكثير عن الفرق بين عالم البيانات والإحصائي أو خريج علوم الحاسب؛ والفرق في الواقع غير رسمي أو واضح. فعالِم البيانات ليس بالضرور إحصائي أو خريج علوم حاسبات ولكنه يملك الكثير من مهاراتهما. الإحصاء علم عريق بداياته تكاد تعود لبدايات البشرية المتحضرة، يركز على الطرق الحسابية والتحليلية. علم الحاسب علم حديث نسبياً يهتم بالبرمجة والأتمتة والبيانات الضخمة (big data). بينما عالم البيانات يطوع تقنيات الحاسب في تحليل البيانات وانتاج معلومات قيمة مستخلصة من البيانات.
عالم البيانات قادر على شرح معنى تلك الرسوم البيانية والتوصية بالخطوات التالية للمنشئئة. عالم البيانات يملك معلومات كافية عن الاحصاء وتعلم الآلة والبيانات الضخمة دون الحاجة للتخصص في أي منها. لهذا السبب، يعتبرالمسمى الوظيفي "عالم بيانات" الهدف لكثير من الخريجين في الولايات المتحدة الأمريكية. فمتوسط مرتب عالم البيانات لا يقل عن 35 ألف ريال سعودي شهرياً. في الشركات الكبرى مثل فيسبوك وبينترست، عالم البيانات يحصل في المتوسط على مرتب لا يقل عن 66 ألف ريال شهرياً قبل الضريبة.
مع كل هذه المبالغ الطائلة لتوظيف عالم البيانات،
ما هي المهام والمسؤوليات المسندة إليه؟
بعد جمع البيانات وتكوين قاعدة المعلومات يستطيع القائم على المنشئة الاستفادة من خبرات عالم البيانات في تطوير الخطة التطبيقية والاستعانة بعالم بيانات في توقّع أفضل خطوات لازمة للسير بالمنشئة في الاتجاه الصحيح. بعد أن يقوم صاحب المنشئة بتحديد هدفه المرغوب من البيانات، يأتي دور عالم البيانات في:
- فهم توقعات المنشئة وأهدافها من تحليل البيانات. فهم المشكلة المراد حلها، التحسين المطلوب في مسار العمل، التوقعات المراد استخراجها من البيانات المتوفرة.
- جمع البيانات سواءً من بيانات المنشئة نفسها أو أي معلومات إضافية تساعد في الوصول للنتائج المرغوبة (كالمعلومات الجغرافية والديموغرافية).
- تنظيف البيانات وإعدادها للتحليل. هذه الخطوة مسار أبحاث كامل يشمل هندسة المميزات باختيار المهم منها وتقليص مجال المميزات (feature selection/reduction)
- تحليل البيانات، اكتشاف البيانات (exploration) وتصويرها (visualization)، نمذجتها (modeling) والاطلاع على توجه البيانات (trend) ومحاولة التنبؤ بالأحداث باقل نسبة خطأ ممكنة. بالإضافة لتحسين نتيجة سير العمل الحالي عن طريق تحسين نسبة الخطأ (optimize error).
- عرض النتائج إما كتقرير كتابي تفصيلي أو عرض يقدّم شخصياً.
- مراجعة التوصيات ونتائجها بعد فترة زمنية معينة لتحديد جودة النموذج مما يساعد في بناء النماذج المستقبلية.
ملخّص
علم البيانات تخصص رائد حالياً وعالم البيانات أكثر الوظائف المثيرة لاهتمام الشركات في الوقت الراهن. عالم البيانات يجمع بين علم الحاسب وعلم الاحصاء مع لمحة ابداعية في سرد النتائج وتوضيحها بافضل صورة لصناع القرار. يجدر بالشركات صغيرها وكبيرها الأهتمام بالبيانات والاستعانة بعالم بيانات يحللها وينتج نماذج تحليلية تقود المنشئة للنتائج المرغوبة.
Comments
Post a Comment