متى نتوقف عن البحث؟ Optimal Stopping

(وقت القراءة: 6 دقائق)

عند وصولي لأول مرة في وادي السيليكون كانت الزيارة مؤقتة لإجراء مقابلتي مع Google، قد أسرد تفاصيل تلك التجربة في تدوينة قادمة (spoiler: لم أحصل على الوظيفة). في ثاني وصول لوادي السيليكون كان الهدف بعيد المدى وبدأنا البحث عن سكن.






الخطة هي: مكان آمن، مساحة كافية، مصاريف أقل.
الاستراتيجية كانت زيارة أكبر عدد ممكن من المساكن لضمان اختيار "أنسب" سكن ممكن. استراتيجية أثبتت خللها بنهاية الأسبوع.

خلال أسبوع من الوصول قمنا بزيارة ما يجتاز 15 سكناً تفاوتت في مقوّماتها. وتوصلنا لقرار العودة لسكن زرناه في اليوم الثاني لتوقيع عقد الإيجار. ففي اليوم الثاني زرنا شقة تفوّقت على باقي المساكن حيث كانت المساحة جيدة، الأمان عالي، موقف سيارة مظلل مجاني، والشرفة مطلّة على بحيرة وهضاب أشبه ما تكون بلوحة من لوحات كينكيد (بدون مبالغة).

صباح اليوم السابع حصل ما لم نضعه في عين الاعتبار. تمت إزالة الشقة من الموقع وعند مهاتفة السكن تم إعلامي بأنه تم تأجير الشقة في أول ساعات الصباح.



متى كان يجب أن نتوقف عن البحث؟ متى كان علينا التواصل مع السكن؟ ما هي الاستراتيجية الأنسب في هذا السيناريو والتي تضمن أفضل نتيجة ممكنة؟
كخريجة حاسب آلي راودتني كل هذه الاسئلة وعن ما إذا كان هناك حل منهجي لمثل هذه المشكلة. تذكرت لحظتها كتاباّ كنت قد استمعت إليه قبل عدة سنوات بعنوان "Algorithms to live by خوارزميات للحياة" حيث يناقشُ الكاتِبان كيف يمكن لعلوم الحاسب الآلي أن تؤثر في قرارات البشر وفي اختيارات حياتهم اليومية بشكل فعّال.



المفارقة هي أن الفصلين الآولى من الكتاب تناقش بتعمق فكرة البحث وأفضل استراتيجية للتوقف عن البحث بحيث يطّلع الفرد على اختيارات كافية دون أن يراهن على خسارة الاختيار الأفضل (عموماً بدون تضييع جهد ووقت).

في علوم الحاسب يشار لمثل هذه المعضلة بمشكلة "التوقف الأمثل Optimal Stopping"

في مشاكل التوقف الأمثل عن البحث نجد أن المعضلة ليست كيفية الوصول للاختيار الأمثل (المشكلة ليست كيف أجد أنسب شقة) بل الكمية الأمثل من الاختيارات للأخذ بعين الاعتبار قبل اختيار احدها (متى أتوقف عن البحث/زيارة شقق جديدة واختار من مجموعة الخيارات المتاحة؟).



متى نتوقف عن البحث؟

قاعدة الـ37%
بعد إجراء العديد من الدراسات، توصل الباحثون الرياضيون إلى أن أحد أنسب الاستراتيجيات لحل المعضلة هو الإطلاع على 37% من الاختيارات قبل اتخاذ القرار.
وجدت الأبحاث أن الاطلاع على 37% من الاختيارات دون الالتزام بأي منها بغرض جمع معلومات عامة عن الخيارات المتاحة قد تكون كافية لضمان اختيار "مناسب".
باختصار فإن القاعدة توصي بالاطلاع العشوائي على 37% من العينة المراد استكشافها وتأجيل بدأ الاختيار حتى الانتهاء من الـ37%، و من ثم اختيار أول خيار يتفوق على جميع ما سبق. على افتراض استحالة العودة لخيار تم الاطلاع عليه مسبقاً، وأن عدد الاختيارات المراد استكشافها معلوم.

يمكن تطبيق هذه القاعدة على الكثير من الحالات: مقابلة مجموعة من المتقدمين على وظيفة، اختيار وجهة السفر التالية أو اختيار شريك الحياة.


الفكرة هنا هي تكوين خبرة-ولو كانت بسيطة- بالاختيارات المتاحة وبالتالي يسهل مقارنة كل اختيار بالخبرة السابقة وتقييم ما إذا كان اختيار مناسب. كلما صَغُر فضاء العينة قلّت احتمالية اختيار الخيار الأنسب لعدم وجود خبرة كافية. وبذات المنطق فإن الخبرة الواسعة لا تعني بالضرورة سهولة الاختيارلأن احتمال أن يتم رفض "الاختيار الأنسب" بحجة توسيع الخبرة المكتسبة يرتفع بشكل جذري.




بالعودة لمثال اختيار السكن، متى كان أنسب وقت لإيقاف البحث والبدء في اختيار السكن؟
إذا كنا نعلم أننا سنستكشف ما يقارب 15 سكناً فإننا وبناءً على قاعدة الـ37% يجب أن نطلع (مع رفض) أول خمسة مساكن عشوائية (15 * 37% ≈ 5) ونختار بعدها أفضل سكن يتفوق على كل ما تم استكشافه. بذلك نكون بنينا خبرة كافية -بناءً على القاعدة- لاتخاذ القرار الأنسب. يمكن اعتبار المساكن الخمس الأولى كبش الفداء في سبيل بناء قاعدة الخبرة اللازمة لاتخاذ قرار مناسب.

لكل سكن تالي بعد السكن الخامس نسأل السؤال "هل هذا السكن أفضل من كل المساكن السابقة؟" وطالما كانت الإجابة بـ"لا" فإننا ننتقل للخيار التالي حتى نصل للإجابة "نعم". في تلك الحالة يكون الاختيار هو الأنسب منهجياً.



بالتأكيد فإن قاعدة الـ37% قاعدة رياضية بحتة ويصعب الاعتماد عليها منفصلة، لذلك اقترن البحث بطرح السؤال الشخصي "ما جودة هذا الخيار مقارنة بالخيارات السابقة؟". جواب هذا السؤال -ولو اقترن بذات المتغيرات- يختلف من شخص لآخر بناءً على تفضيلاته وحدسه وتجاربه الشخصية. بالإضافة إلى أن القاعدة الرياضية نادراً ما تأخذ في عين الاعتبار الطبيعة العشوائية للأحداث اليومية؛ مثلاً هناك احتمال أن يقوم السكن "الأنسب" برفض طلبي للايجار لأسباب عديدة والقاعدة لا تأخذ هذا في عين الاعتبار.

بالإضافة لقانون الـ37% فإن الكتاب يناقش بتبسيط ممتع العديد من الخوارزميات الرياضية وكيفية تطويعها في حياتنا اليومية لتسهيل و تحسين اتخاذ القرارات.

أخيراً، يوجد احتمال كبير بأن ننتقل من السكن الحالي بنهاية العام، ولدي شعور بأننا سنخوض تجربة ممتعة ومثمرة باذن الله.





Comments

  1. شكراً لك على مشاركة هذا المقال

    ReplyDelete
  2. شكراً جزيلاً، استمتعت جداً بالتدوينة

    ReplyDelete
  3. Earlier this year, the gaming large appointed former Zynga studio manager Jim Veevart as DoubleDown’s vice chairman of video games. And final year, Churchill Downs Incorporated, which runs seven casinos along with its Kentucky Derby racetrack, acquired the free video games company Big Fish Games. Because they're fun, fascinating, and there are massive probabilities to win! You have the chance to have instantaneous millionaire standing courtesy of the range of bonus features obtainable on our land-based slots. We have various pods and popular on line casino video games in 1xbet Harrington DE that will keep you totally engaged and loving it.

    ReplyDelete

Post a Comment